للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنه الذي نجد في الإِنجيل، وأنه الرسول الذي بشّر به عيسى ابن مريم، انزلوا حيث شئتم، والله! لولا ما أنا فيه من الملك لأتيته، حتى أكون أنا الذي أحمل نعليه، وأمر بهديّة الآخرين فردّت إِليهما ..

هذا ما رواه أحمد وابن كثير بإسناد جيد قوي وسياق حسن! (١)

وسيأتي تفصيل ذلك في حديث أم سلمة رضي الله عنها!

[سياسية تبليغ الدعوة]

ولا شك أن هذا لون من ألوان السياسة في تبليغ الدعوة، بدأ هادئاً هامساً، فلمّا حُرّك تحرّك معبراً أصدق تعبير عن هداية الإِسلام في أعظم محفل من محافل الحوار، الذي هيّأ الله له أسبابه وعوامله ودوافعه، ونصب له معالمه، وأقام منائره، وقد اقتضى هذا الحوار من المسلمين المهاجرين في أعظم فرصة سانحة أن يعرضوا رسالة نبيّهم - صلى الله عليه وسلم - وحقيقة دينهم عرضاً حرًّا، أكمل ما تكون الحريّة، صادقاً أبلغ ما يكون الصدق، يعقده ويشهده ملك البلاد التي آوتهم، ويحضره معه بطارقتها وأهل العلم فيها، ويحضره ذوو رأيها ووجوهها، ويحضره راغميْنِ رسولا قريش إلى النجاشي ملك الحبشة، ليردّ عليها هؤلاء المهاجرين، فيسمع هذا الحشد الحافل في صراحة وقوّة صوت الإِسلام، يعلن عن حقيقته، ويشرح دعوته، ويبلّغ رسالته، فيؤمن الملك إيماناً يبخع به بأو الغرور، ويبطّ دمل الحقد في أنفس قريش ورسوليْها إلى النجاشي ..


(١) السابق، والفتح الرباني: ٢٠ - ٢٢٤ - ٢٢٦، وابن كثير: البداية: ٣: ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>