وأقول في الجواب عن الاعتراض الثاني: إن آية الإنجيل هكذا (لأنكم لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقونني لأنه هو كتب عني) وليس فيها تصريح بأن موسى - عليه السلام - كتب في حقه في الموضع الفلاني، بل المفهوم منه أن موسى كتب في حقه (مطلقاً) وهذا يصدق إذا وجد في موضع من التوراة إشارة إليه، ونحن نسلم هذا الأمر كما ستعرف في ذيل بيان البشارة الثالثة، لكننا ننكر أن يكون قوله إشارة إلى هذه البشارة للوجوه التي عرفتها، وقد ادعى هذا المعترض في الفصل الثالث من الباب الثاني من الميزان أن الآية الخامسة عشرة من الباب الثالث من سفر التكوين إشارة إليه!
فهذا القدر يكفي لتصحيح قول عيسى - عليه السلام -.
نعم لو قال عيسى عليه السلام إن موسى - عليه السلام - ما أشار في أسفاره إلى نبي من الأنبياء إلا إليّ لكان لهذا التوهم مجال في هذه الحال!
[٢ - البشارة الثانية]
الآية ٢١ من الباب ٣٢ من سفر الاستثناء (التثنية) هكذا (هم أغاروني بغير إله، وأغضبوني بمعبوداتهم الباطلة، وأنا أيضاً أغيرهم بغير شعب وبشعب جاهل أغضبهم)!
والمراد بشعب جاهل: العرب لأنهم كانوا في غاية الجهل والضلال، وما كان عندهم علم، لا من العلوم الشرعية، ولا من العلوم العقلية، وما كانوا يعرفون سوى عبادة الأوثان والأصنام، وكانوا محقرين عند اليهود، لكونهم من هاجر .. ، فمقصود الآية أن بني إسرائيل أغاروني بعبادة المعبودات الباطلة، فأغيرهم باصطفاء الذين هم عندهم محقرون وجاهلون، فأوفى بما وعد،