ونحن موقنون من مطالعة سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأنه طراز رفيع من الفكر الصائب، والنظر السديد، وأنه -قبل رعي الغنم وبعده، وقبل احتراف التجارة وبعدها- كان يعيش الحياة في أعماق الصحراء، صاحياً بين السكارى والغافلين!
وجو الجزيرة العربيّة يزيد خمول الخامل وحدة اليقظان، كالشعاع الذي ينمي الأشواك والورد معاً .. وقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يستعين بصمته الطويل، صمته الموصول بالليل والنهار .. صمته المطبق على الرمال الممتدة، والعمران القليل!
كان يستعين بهذا الصمت الطويل الموصول المطبق على طول التأمل، وإدمان الفكر، واستنكاه الحق!
ودرجة الارتقاء النفسي التي بلغها من النظر الدائم أرجح يقيناً من حفظ لا فهم فيه، أو فهم لا أدب معه، ومثله في احترام حقائق الكون والحياة أولى بالتقديم من أولئك الذين اعتنقوا الأوهام وعاشوا بها ولها!
ولاشك أن الله حاطه بما يحفظ عليه هذا الاتجاه الفذ!
[مراتب التعليم]
إن مراتب التعليم المختلفة هي مراحل جهاد متصل لتهذيب العقل وتقوية ملكاته، وتصويب نظرته إلى الكون والحياة والأحياء، فكل تعليم يقصر بأصحابه عن هذا الشأو لا يؤبه له، مهما وسم بالشهادات والإجازات!