للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[جواب الشكوى]

أمّا القصيدة الثانية للمفكر الإِسلامي المرحوم محمَّد إقبال (١) فهي جواب الشكوى، تخيّلها إقبال صوتاً سماويًّا يدوي بصيحة الحق، جواباً لهذه الشكوى التي تبدو في صرختها المتململة المضطربة كأنها خيال جائر لا يقوم على الحجّة والبرهان، ولا يستقرّ على دليل من الواقع!

قال إقبال: كل كلام يصدر عن القلب يترك أثره في القلوب، والأفكار الصادقة لا أجنحة لها, ولكنها تسبق الطيور، وكل كلام قدسي المنبع فهو أبداً يتجه إلى العلا، ومن عجيب أنه نجم من التراب، ومتى صعد كان أول منازله السحاب!

كان عشقي فاتناً ساحراً جموحاً، فشق ستار السماء بأنين لا يتهيّب، ولا يرتعد، ولمّا سمع شيخ السماء زفرات الشكوى والبكاء قال: (إنه في مكان ما كائن يتكلّم)، فتساءلت النجوم والسيارات في عجيب وإنكار وكيف اقترب هذا الكائن من بساط العرش الرفيع)، فقال القمر: (إنه إنس من أهل الأرض)، وقالت المجرّة: (عجبت لهذا الإنسان، كيف يستتر عن العيون، ويختفي عن المادة، خلف الظنون)!

هكذا كان الجميع يشتجرون في أمري، فلا يهتدون، ولئن كان من بينهم من فهم الشكوى، وعرف النجوى، فهو رضوان .. إذ قال:

(إنه قوي العنصر، رفع الله مكانته، وأسجد له ملائكته)!

وسأل سائل: كيف تعلمتْ هذه القبضة من التراب أن تخترق من


(١) السابق: ٨٩ وما بعدها تصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>