يرجع منهم مخبر إلا وهو جريح، كما جرى لمهلكهم أبرهة، فإنه انصدع صدره عن قلبه حين وصل إلى بلده صنعاء وأخبرهم بما جرى لهم ثم مات (١)!
إنها صورة حسيّة للتمزيق البدني بفعل هذه الأحجار التي رمتهم بها جماعات الطير .. ولا ضرورة لتأويلها بأنها تصوير لحال إهلاكهم بمرض الجدري أو الحصبة!
[٥ - دروس وعبر]
وخامس ما يطالعنا: العبر المستفادة من التذكير به، وهي كثيرة:
وأول ما توحي به أن الله سبحانه لم يرد أن يكل حماية بيته إلى المشركين، ولو أنهم يعتزون بهذا البيت، ويحمونه ويحتمون به، فلما أراد أن يصونه ويحرسه ويعلن حمايته له، وغيرته عليه، ترك المشركين يُهزمون أمام القوة المعتدية، وتدخلت القدرة سافرة لتدفع عن بيت الله الحرام، حتى لا تكون للمشركين يد على بيته ولا سابقة في حمايته، بحميّتهم الجاهليّة، ولعل هذه الملابسة تُرجِّح ترجيحاً قويًّا أن الأمر جرى في إهلاك المعتدين مجرى السنة الخارقة -لا السنة المألوفة المعهودة- فهذا أنسب وأقرب!
ولقد كان من مقتضى هذا التدخل من القدرة الإلهيّة لحماية البيت الحرام أن تبادر قريشر ويبادر العرب، إلى الدخول في دين الله، حينما جاءهم به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وألا يكون اعتزازهم بالبيت وسدانته وما صاغوا حوله من وثنيّة هو المانع لهم من الإسلام!