قريش في كاتب الصحيفة قولان: أحدهما: أن كاتب الصحيفة هو بغيض بن عامر بن هاشم بن عبد الدار، والقول الثاني: منصور بن عبد بن شرحبيل بن هاشم من بني عبد الدار، وهو خلاف ابن إسحاق الذي ذهب إلى أن كاتب الصحيفة هو منصور بن عكرمة بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي!
[شدة الحصار]
وكانت المحنة في هذا الحصار الظلوم شديدة، قاسية، موجعة، مؤلمة، قابلها المؤمنون بالصبر الجميل، والتحمّل الكريم!
قال السهيلي: إنهم جهدوا حتى كانوا يأكلون الخَبط وورق الشجر، حتى إن أحدهم ليضع كما تضع الشاة، وكان فيهم سعد بن أبي وقّاص، روي أنه قال: لقد جعت حتى إنّي وطئت على شيء فوضعته في فمي وبلعته، وما أدري ما هو إلى الآن!
وفي رواية يونس: أن سعداً قال: خرجت ذات ليلة لأبول، فسمعت قَعْقَعَةً تحت البول، فإذا قطعة من جلد بعير يابسة، فأخذتها وغسلتها، ثم أحرقتها، ثم رضضتها وسفسفتها بالماء، فقويت بها ثلاثاً!
وكان طغاة المشركين وهم مستغرقون في عتوّهم وفجورهم إذا قدمت العير مكّة، يأتي أحد هؤلاء المحصورين السوق، ليشتري شيئاً من الطعام لعياله، فيقدم المتبوب بلعنة الله أبو لهب عدوّ الله فيقول:
يا معشر التجار، غالوا على أصحاب محمَّد، حتى لا يدركوا معكم شيئاً، فقد علمتم ما لي ووفاء ذمتي، فأنا ضامن من أن لا خسار عليكم، فيزيدون عليهم في السلعة قيمتها أضعافاً، حتى يرجع إلى أطفاله، وهم يتضاغَوْن من