للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أتبع القرآن الكريم ذلك بذكر الجزاء العادل التي ينتظر هؤلاء الفجرة، يقدمهم الوليد وأضرابه من نماذج الشرّ الأثيم، والعناد الكفور، فقال: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (٢٦) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (٢٧) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (٢٨) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (٢٩)} (المدثر).

قال المفسرون: (١) وهو الوليد بن المغيرة، قال مقاتل: يقول: خلّ بيني وبينه فأنا أنفرد بهلكته، وإنما خصّ بالذكر، لمزيد كفره، وعظيم جحوده لنعم الله عليه، وقيل: أراد بالوحيد: الذي لا يُعرف أبوه، وكان يقال في الوليد ابن المغيرة: إنه دعي! وكون الوليد بن المغيرة هو النموذج المقصود فيما جاء في هذه الآيات من خبائث الصفات، وأرذل الرذائل محل اتفاق إجماعي من المفسرين!

وقال الشوكاني في قوله: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (١١)}: أي دعني، وهي كلمة تهديد ووعيد، والمعنى: دعني والذي خلقته حال كونه وحيداً في بطن أمه، لا مال له ولا ولد، هذا على أن وحيداً منتصب على الحال من الموصول، أو من الضمير العائد إليه المحذوف، ويجوز أن يكون حالاً من الياء في {ذَرْنِي}: أي دعني وحدي معه، فإني أكفيك في الانتقام منه، والأول أولى!

[٢٨ - دعاية للرسالة والرسول - صلى الله عليه وسلم -]

ولما انتهى الوليد إلى ما انتهى إليه من قول الزور والافتراء على الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، فرح البلهاء من ملأ قريش، وتفرّقوا إلى السبل والطرقات، ومنافذ القادمين إلى مكة للتجارات أو للحج، يذكرون لهم أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،


(١) تفسير الشوكاني: ٥: ٣٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>