للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الرفادة والسقاية]

وكان لهذه المكرمات والمناقب أثر خطير في مكانة (عبد مناف) وأبنائه عند جميع العرب، فعرفوا لهم فضلهم، وقدروهم قدرهم، ونظروا إليهم نظرة فيها قداسة واحتشام، لم ينظروها لغيرهم ممن يساميهم من أبناء عمومتهم، مع ما كان في أيديهم من مراتب المجد والشرف، وشارات السيادة والتقدم مثلهم، لكن بني (عبد مناف) امتازوا بالصنائع والمكارم، يسدونها إلى قومهم، واختيارهم من بين مراتب الشرف مرتبتي الرفادة والسقاية -وهما مظهر الجود والبذل- وهو الذي زاد في مكانتهم، ورفعهم في نظر العرب قاطبة، وهو الذي عقد لهم وشيجة المحبة والإعظام في قلوبهم!

[عبد المطلب]

أما (عبد المطلب) جد محمد الأدنى فكان أشبه بجده الأعلى (قصي)، في شرفه وتساميه وطموحه إلى عوالي الأمور، ومن غرائب هذا التشابه أن كلاً منهما نشأ بعيداً عن قومه وبلده، في حضن أمه، حتى اشتد ساعده، وبلغ مبلغ الرجال، وعرف أنه فرع الدوحة القرشيّة، وابن هامتها، فتحمل إلى قومه وبلده، فاستقبله الشرف والمجد، ودانت له السيادة!

ورحل (قصي) إلى مكة (١)، فوجد أمرها بيد خزاعة وبني بكر، وليس لقريش منه شيء، فانتزعه منهما انتزاعاً، وأخذه غلاباً، فساد على أهل مكة، وملّكه قومُه عليهم، فلا يصدرون إلا عن رأيه!


(١) انظر: السيرة النبويّة: ابن كثير: ١: ٩٦ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>