للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأي صورة ارتسمت في نفس الرسول - صلى الله عليه وسلم - لهذه الأحاديث التي تتحدث عن النبوة والوحي، وعن هذا الغلام اليتيم الأمّي الذي سيكون نبي هذه الأمة!

فما النبوة؟

وما الوحي؟

ومتى؟

وكيف؟

هذه أسئلة من الممكن القريب أن تكون دارت في تفكير الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو عائد إلى مكة، وهو يرى أهلها يسبحون في عمياء الوثنيّة الجاهليّة البليدة، وهو يعتزلهم في أعيادهم ومواسمهم، وينأى بجانبه كارهاً مبغضاً لأصنامهم، رائياً لأحوالهم، متعجّباً من ضلال عقولهم!

ولكن هل حظي الرسول - صلى الله عليه وسلم - من داخل نفسه أو ما يحيط به من عوامل وعوالم بجواب عن هذه الأسئلة؟

ليس في حياته - صلى الله عليه وسلم - في هذا الوقت ما يشعر بشيء، سوى أنه وجه إلى لون من الحياة يملؤها الإحساس بعظمة الكون وعظمة مدبّره جل شأنه، والشعور بسلطان قدرته المبسوط على الوجود!

[تهافت المستشرقين]

وانتهز المستشرقون والمغرضون هذه الفرصة (١)، فصنعوا من الحبّة قبّة، وأسسّوا عليها بناءً متهاوياً، حيث زعموا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد تلقى رسالة التوحيد النقيّة، من عالم نصراني، وأغرب من هذا أن أحدهم ألف كتاباً في هذا


(١) السيرة النبوية: الندوي: ١١٨ وما بعدها بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>