"نحن نازلون غداً بِخيفِ بني كنانة، حيث تقاسموا على الكفر يعني بذلك المحصّب، وذلك أن قريشاً وكنانة تَحالَفَتْ علي بني هاشم وبني عبد المطّلب -أو بني المطّلب- أن لا يناكحوهم ولا يُبايعوهم حتى يسْلمُوا إِليهم النبي - صلى الله عليه وسلم -". (١)
إعداد لتحمّل أثقال الدعوة:
قد كان خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - من محنة الحصار، وتقاسم المشركين على فجور الكفر، هو ومن معه من المؤمنين الذين بقوا في مكّة، ولم يهاجروا مع إخوانهم أصحاب الهجرة الثانية إلى الحبشة -كما أسلفنا- ومن دخل معه من بني هاشم والمطّلب حميّة قوميّة، وهم على دين قومهم من الشرك والوثنيّة في السنة العاشرة من البعثة قبل الهجرة إلى المدينة بثلاث سنين!
وقد كان الدخول إلى الشَّعب وبدء الحصار هلال المحرم سنة سبع من النبوّة -كما عرفنا- وكانت مدّة هذا الحصار الظلوم ثلاث سنين في رواية موسى بن عقبة، أو سنتين في رواية محمَّد بن سعد، وقد ذكر ابن إسحاق الروايتين على الشك، فقال: فأقاموا على ذلك سنتين أو ثلاثاً، وقد كانت هذه المحنة لوناً من ألوان التربية التي تعهّد الله بها نبيّه محمداً - صلى الله عليه وسلم - ليعدّه لتحمّل أثقال
(١) البخاري: ٢٥ - الحج (١٥٨٩، ١٥٩٠)، وانظر (٣٨٨٢، ٤٢٨٤، ٤٢٨٥، ٧٤٧٩)، ومسلم (١٣١٤)، وأحمد: ٢: ٢٣٧، ٢٦٣، ٣٢٢، ٣٥٣، ٥٤٠، ٥: ٢٠٢ عن أسامة بن زيد، والبخاري: (٣٠٥٨)، وابن خزيمة (٢٩٨١، ٢٩٨٢، ٢٩٨٤) من طرق، وأبو داود (٢٠١١)، والنسائي: الكبرى (٤٢٠٢)، والبيهقي: ٥: ١٦٠، وابن ماجه (٢٩٤٢) عن أسامة بن زيد. وانظر: القصة في: طبقات ابن سعد: ١: ٢٠٨ - ٢١٠، والطبري: التاريخ: ٢: ٣٣٥ - ٣٣٦، والبيهقي: الدلائل: ٢: ١١ - ٣١٥، وابن كثير: السيرة: ٢: ٤٣ - ٥١.