للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم، كان هذا هو الأولى .. أن يظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرًا .. وأن يستبعدوا سقوط أنفسهم في مثل هذه الحمأة!

وتمضي الآيات ترسم صورة لتلك الفترة التي أفلت فيها الزمام، واختلّت القاييس، واضطربت القيم!

[ومرة من بعد مرة نبصر فضل الله ورحمته في ختام تلك الآيات]

{وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (٢٠)}!

إن الحدث لعظيم، وإن الخطر لجسيم .. وإن الشرّ الكامن فيه لخليق أن يصيب الجماعة المسلمة كلها بالسوء، ولكن فضل الله ورحمته، ورأفته ورعايته .. ذلك ما وقاهم السوء .. ومن ثم يذكرهم به المرّة بعد المرّة، وهو يربّيهم بهذه التجربة الضخمة!

ومع كل هذا ماذا كان يمنع النبي -صلى الله عليه وسلم- لو كان أمر القرآن إليه كما يزعم الجاهلون -أن يتقوّل ما يحمي عرضه ويذبّ بها عن عرينه، وينسبه إلى الوحي، لتنقطع ألسنة المتخرصين (١)؟!

ولكنه - صلى الله عليه وسلم - ما كان ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله!

{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (٤٧) وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (٤٨) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (٤٩) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (٥٠) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (٥١)} (الحاقة)!


(١) انظر: زاد المعاد: ٣: ٢٥٦ وما بعدها، وفضل أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - في كتب الحديث: فضائل الصحابة، وخصائصها الأربعين في كتاب: الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة: بدر الدين الزركشي.

<<  <  ج: ص:  >  >>