للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أساطير الأوّلين، هو الدليل على أن الآيات في السورتين تعني نموذجاً واحداً للشرور، تمثل في شخص الوليد بن المغيرة المخزومي؛ لما كان متوافراً فيه من عتوّ الطغيان وفجور الكفر والاغترار بما أوتي من مال وبنين!

[٣٦ - إشهار نموذج الشر]

ثم بعد أن أنهت الآيات وصف الطاغية في عناده بالقبائح التي لازمته في حياته، ووصمته في تاريخه، وطاردته بعد هلاكه، ذكر الله تعالى ما توعّده به باعتباره نموذجاً لتلك القبائح من الخزي في الدنيا والعذاب المهين في الآخرة، فقال: {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (١٦)}.

ومعنى النموذجيّة في تصوير من اتصف بهذه القبائح أن كل ما يتصوّر أن يقع على الصورة الفرديّة لهذا النموذج هو واقع في الدنيا والآخرة بجميع من كان على شاكلته من الوثنيّن، أينما وجدوا وحيثما كانوا في أي زمان ومكان ومن أي جيل!

والوسم في اللغة: العلامة المحسوسة، تكون في الحيوان من كيّه بالنار، أو خدش في عضو من أعضائه، أو قطع في أذنه يُعلَّم بها ليعرف، والخرطوم هو أنف الحيوان، ثم استعير لأنف الإنسان كما يستعار المشفر للشفة، وهذا لتقبيح الوصف به!

قال المبرد (١): الخرطوم ها هنا الأنف، وإنما ذكر هذا اللفظ على سبيل الاستخفاف به؛ لأن التعبير عن أعضاء الناس بالأسماء الموضوعة، لأشباه تلك


(١) تفسير الفخر الرازي: ٢٩: ٨٦ بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>