وهذا الوصف كان هو الوصف المعيّن في سورة (القلم) لإرادة الوليد ابن المغيرة بموضوعيّته لأوصاف الآيات، كإرادته بموضوعية أوصاف آيات (المدثر)؛ لأن هذا الوصف كنفسه إذ جاء هناك في أوصاف الطاغية بصورة الامتنان في قوله تعالى: {وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (١٢) وَبَنِينَ شُهُودًا (١٣)} ولم يشتهر في قريش بكثرة المال والبنين أحد شهرة الوليد بهما، وكل الذين ذكرهم المفسرون لنزول آيات (القلم) فيهم: الأخنس بن شريق، والأسود بن عبد المطلب الأسدي، وعبد الرحمن بن الأسود، وأبو جهل، ولم يكن فيهم من عرف بما عرف به الوليد في كثرة المال والبنين!
فالوليد بن المغيرة هو نموذج الأوصاف والقبائح التي ذكرت في السورتين:
سورة (المدثر) وسورة (القلم)، فلا ينبغي العدول عن هذا الظاهر إلى أقاويل أخرى!
ثم عقّبت الآيات هذه الأوصاف وما ختمت به من الغرور الفاجر بنعمة الله التي أضفاها عليه من المال الوفير وكثرة البنين -وهما نعمة النعم في الدنيا وزينتها التي يتنافس عليها أهلها- بما كان نتيجة طبيعيّة لتلك المثالب والنقائص الخُلُقيّة والخَلْقيّة والقبائح الاجتماعيّة، من اجترائه على خبيثة الخبائث بوصف آيات الله إذا تليت وسمعها بأنها أساطير الأولين وخرافاتهم، وتكذبهم في أسمارهم، وهذا كالذي جاء في سورة (المدثر) من قول الطاغية فيما حكاه الله عنه: {إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (٢٤) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (٢٥)}.
وهذا التوافق في المعنى بين ما جاء في سورة (المدثر) من وصف القرآن باطلاً بأنه سحر يؤثر، وبين ما جاء في سورة (القلم) من وصفه باطلاً بأنه