وهل في القرآن الحكيم توجيهات معيّنة عن مقدار العطاء، كما كان له توجيه معيّن في اختيار صنوف العطاء والتزام جودته؟
وهنا نبصر القرآن في دعوته إلى البذل لم يحرّض الناس يوماً ما على إنفاق المال كله، ولم يدع الغنيّ تأخذه الرأفة على الفقير إلى حدّ نسيان نفسه .. ولو فعل لكان ذلك تحويلاً للثروة من يد إلى يد، ونقلاً للبؤس من جانب إلى جانب .. ولم يكن ذلك هو الإرشاد الحكيم إلى حسن توزيع الثروة بين الأمّة، والتقريب المعقول بين طبقاتها .. وكيف يشجع الإسلام على الفقر، وهو يريد أن يمحو الفقر؟!
أم كيف يقول الأغنياء إلى ذلّ السؤال، وهو يريد أن تكتسب العزّة لجميع المؤمنين؟!
أم كيف يمهّد لأحد سبيل الغنى؟! وهو يدعو إلى الحياة الطّيبة:{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}(النساء: ٢٩)!