للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الوصف كان يقتضي إكرامهم وتعظيمهم ومحبّتهم، فعاملوهم ضدّ ما يقتضي أن يعاملوا به!

وهذا شأن أعداء الله دائماً، ينقمون على أوليائه ما ينبغي أن يحبّوا ويكرموا لأجله، كما قال تعالى:

{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (٥٩)} (المائدة)!

[مفرق الطريق]

وفي سورة العنكبوت أيضاً يطالعنا قوله تعالي:

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ (١٠) وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ (١١)}!

(العنكبوت).

وهنا نبصر ذلك النموذج من النفوس في استقبال فتنة الإيذاء بالاستخذاء، ثم الادعاء العريض عند الرخاء، في كلمات معدودات .. صورة واضحة الملامح، بارزة السمات!

نبصر ذلك النموذج من الناس، يعلن كلمة الإيمان في الرخاء يحسبها خفيفة العمل، هيّنة المؤونة، لا تكلف إلا نطقها باللسان، {فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ}! بسبب الكلمة التي قالها وهو آمن معافى {جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ}! فاستقبلها في جزع، واختلّت في نفسه القيم، واهتزّت في ضميره العقيدة، وتصوّر أن لا عذاب بعد هذا الأذى الذي يلقاه -حتى عذاب الله! وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>