للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإيمان النبي -صلى الله عليه وسلم- بما أنزل الله من ربّه هو إيمان التلقّي المباشر .. تلقّي القلب النقيّ للوحي العليّ، واتصاله المباشر بالحقيقة المباشرة .. الحقيقة التي تتمثّل في كيانه بذاتها من غير كدّ ولا محاولة، وبلا أداة أو واسطة .. وهي درجة من الإيمان لا مجال لوصفها، فلا يصفها إلا من ذاقها، ولا يدركها من الوصف -على حقيقتها- إلا من ذاقها كذلك!

وقد أوتي الرسول - صلى الله عليه وسلم - من قوّة الاحتمال والصبر على فوادح الشدائد ما لم يؤته أحد من البشر!

واستحضار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعباء ما كلّفه، وأثقال ما ينتظره في تبليغ رسالته إلى الخلق، حريّ أن يضيء معالم الطريق!

٧ - أم المؤمنين خديجة أعرف بقدر محمَّد - صلى الله عليه وسلم -:

ونجد أنفسنا أمام قول أم المؤمنين خديجة - رضي الله عنها:

(كلاّ والله! ما يخزيك الله أبدًا، إِنك لتصل الرحم، وتحمل الكَلَّ، وتكسب المعدوم، وتَقري الضيف، وتُعين على نوائب الحق)!

هذه الكلمات المشرقة بنور الإيمان الفطري (١)، النابعة من ضمير الغيب، إلهامًا من وحي اليقين بمخايل الحقيقة الكبرى في تصوّر مستقبل محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، تضيف إلى يقين النبي -صلى الله عليه وسلم- وثباته أمام الأحداث، ورباطة جأشه في ملاقاتها، تثبيتًا يزيده قوّة إلى قوّته، ويسرّي عنه ما ألمّ بخياله، ويمسح عن خواطره ما عسى أن يكون طاف بها من تخوّف العقبات في سبيل انطلاقه برسالته؛ بل إن خديجة - رضي الله عنها - تريه بهذه الكلمات المشرقة أنها تستبعد كل الاستبعاد


(١) محمَّد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ١: ٣٠٧ وما بعدها بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>