للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيخنا شيخ الإِسلام بأن النحاة لم يغفلوه، بل منعوا وروده، وأوّلوا ما ظاهره ذلك، وقالوا في مثل هذا: استعمل الصيغة الدالة على المضي لتحقق وقوعه فأنزلوه منزلته، ويقوي ذلك هنا أن في رواية البخاري (حين يخرجك قومك) (١)، وعند التحقيق ما ادعاه ابن مالك فيه ارتكاب مجاز، وما ذكره غيره فيه ارتكاب مجاز، ومجازهم أولى، لما ينبني عليه من أن إيقاع المستقبل في صورة المضي تحقيقاً لوقوعه، أو استحضاراً للصورة الآتية في هذه دون تلك، مع وجوده في أفصح الكلام، وكأنه أراد بمنع الورود وروداً محمولاً على حقيقة الحال، لا على تأويل الاستقبال (٢)!

٢٩ - " أو مُخرجيّ هم؟ ":

بتشديد الياء المفتوحة، قال القسطلاني (٣): لأن أصله مخرجوني، جمع مخرج، من الإخراج، فحذفت نون الجمع للإضافة إلى ياء المتكلم، فاجتمعت ياء المتكلم وواو علامة الرفع، وسبقت إحداهما بالسكون، فأبدلت الواو ياء، وأدغمت، ثم أبدلت الضمة التي كانت سابقة الواو كسرة، وفتحت ياء مخرجيّ تخفيفاً، وهم مبتدأ خبره مخرجيّ مقدماً، ولا يجوز العكس؛ لأنه يلزم منه الإخبار بالمعرفة عن النكرة؛ لأن إضافة مخرجيّ غير محضة؛ لأنها لفظية؛ لأنه اسم فاعل بمعنى الاستقبال، والهمزة للاستفهام الإنكاري؛ لأنه


(١) البخاري: ٩١ - التعبير (٦٩٨٢).
(٢) فتح الباري: ١: ٢٦.
(٣) إرشاد الساري: ١: ٦٦، وانظر: الكواكب الدراري: ١: ٣٩ - ٤٠، وشرح الزرقاني: ١: ٢١٥، وفتح الباري: ١: ٢٦، وطرح التثريب: ٤: ١٩٦، وعمدة القاري: ١: ٢٩، ومسلم بشرح النووي: ٢: ٢٠٤، وشواهد التوضيح والتصحيح: ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>