للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإسناد القول إلى ضمير الجلالة يحتمل أنه قول إلهام (١)، أي ألقينا في نفسه تردّداً بين أن يبادر استئصالهم وأن يمهلهم ويدعوهم إلى الإيمان وحسن العمل!

{قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (٨٧) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (٨٨)}.

[٧ - دستور الحكم الصالح]

وهكذا أعلن دستوره في معاملة البلاد المفتوحة .. أعلن للمعتدين الظالمين عذابه الدنيوي وعقابه، وأنهم بعد ذلك يردّون إلى ربهم فيعذبهم عذاباً {نُكْرًا}!

أما المؤمنون الصالحون فلهم الجزاء الحسن، والمعاملة الطيّبة، والتكريم والمعونة والتيسير!

وهذا هو دستور الحكم الصالح. فالمؤمن الصالح ينبغي أن يجد الكرامة والتيسير والجزاء الحسن عند الحاكم، والمعتدي الظالم يجب أن يلقى العذاب والإيذاء .. وحين يجد المحسنُ في الجماعة جزاء إحسانه جزاء حسناً، ومكاناً كريماً وعوناً وتيسيراً، ويجد المعتدي جزاء إفساده عقوبة وإهانة وجفوة .. عندئذ يجد الناس ما يحفزهم إلى الصلاح والإنتاج .. أما حين يضطرب ميزان الحكم فإذا المعتدون المفسدون مقربون إلى الحاكم، مقدّمون في الدولة، وإذا العاملون الصالحون منبوذون أو محاربون، فعندئذ تتحوّل السلطة في يد الحاكم سوط عذاب وأداة إفساد، ويصير نظام الجماعة إلى الفوضى والفساد!


(١) التحرير والتنوير: ٦: ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>