يردعهم عن فجور ظلم يرتكبونه، أو عتوّ بغي يأتونه، حيث لا قانون ولا دين، ولا نظام ولا ضمير!
ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماض في دعوته، لا يصدّه عنها صادّ، ولا يردّه عن سبيلها رادّ، فاستجاب له أوّل من استجاب -بعد زوجه النجيبة الأريبة الحسيبة النسيبة، سيّدة قومها، وسيّدة نساء العالمين إسلاماً، السيّدة خديجة بنت خويلد الأسديّة القرشيّة- أبو بكر الصدّيق، الحليم العليم، أعلم قريش بقريش وأحسابها ومفاخر بطونها، المؤثل ثراء، المؤمّل نجدةً، صاحب حمائل قريش، وأثقالها في دياتها، وما ينوبها في منافراتها، الذي لا يردّ قوله عندها، ولا تخذله إذا تحمّل!
كان أبو بكر - رضي الله عنه - دخل في الإِسلام قوّاماً بالدعوة إلى الله، ما دعا أحداً إلا استجاب له، وما كان يدعو إلا من يستجيب له من أبناء قمم قريش، وذرا أحسابها، وشباب بيوتها!
[غيظ قريش وحنقها]
واتخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من دار الأرقم في أصل الصفا -كما سبق- دار دعوته، ومعهد تلقّي رسالته، جعلها مجمع السابقين إلى الإيمان من أصحابه، وأقبل عليه أهل الصّدق من شباب قريش، وغير قريش، مؤمنين بدعوته، متّبعين له في دينه، مصدّقين برسالته، مهتدين بهديه، أعزّةً في قومهم، كرماء على أنفسهم، وكثروا وتكاثروا، وهم مستخفون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وشعرت قريش بهم وبخطرهم عليها وعلى حياتها الجاهليّة، ومادت الأرض تحت أقدامها، والتفت رجال كل بيت في قريش إلى أنفسهم وأسرهم، وأبنائهم