للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من كيد الشيطان الضعيف، وأن عالم الجنّ يحشر مع عالم الإنس، ويحاسب، ويجازى بالجنّة وبالنار كالجنس الإنساني، وأن الجن حين يقاسون إلى الملائكة يبدون خلقاً ضعيفاً لا حول له ولا قوة!

ونبصر في هذه الآية أن الله تبارك وتعالى قد جعل لكل نبيٍّ عدوًّا شياطين الإنس والجن .. والله تعالى قادر -لو شاء- على ألا يفعلوا شيئاً من هذا .. وألا يتمرّدوا، وألا يتمحّضوا للشر، وألا يعادوا الأنبياء، وألا يؤذوا المؤمنين، وألا يضلّوا الناس عن سبيل الله .. إن الله قادر أن يقهرهم قهراً على الهُدى، أو أن يهديهم لو توجّهوا للهدى، أو أن يعجزهم عن التصدّي للأنبياء والحق والمؤمنين به .. ولكنه سبحانه ترك لهم هذا القدر من الاختيار وأذن لهم أن تمتد أيديهم بالأذى لأولياء الله -بالقدر الذي تقضي به مشيئته ويجري به قدره- وقدّر أن يبتلي أولياءه بأذى أعدائه، كما يبتلي أعداءه بهذا القدر من الاختيار والقدرة الذي أعطاهم إيّاه، فما يملك هؤلاء أن يوقعوا بأولياء الله من الأذى إلا ما قدّره الله {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ}!

ترى، ما الذي يخلص لنا من هذه التقريرات؟

يخلص لنا ابتداءً: أن الذين يقفون بالعداوة لكل نبيّ، ويقفون بالأذى لأتباع الأنبياء هم (شياطن)! شياطين من الإنس ومن الجنّ .. وأنهم يؤدّون جميعاً -شياطين الإنس والجنّ- وظيفة واحدة! وأن بعضهم يخدع بعضاً ويضلّه كذلك، مع قيامهم جميع أبو ظيفة التمرّد والغواية وعداء أولياء الله!

ويخلص لنا ثانياً: أن هؤلاء الشياطين لا يفعلون شيئاً من هذا كله، ولا يقدرون على شيء من عداء الأنبياء، وإيذاء أتباعهم بقدرة ذاتيّة فيهم، إنما هم في قبضة الله وهو يبتلي بهم أولياءه لأمر يريده من تمحيص هؤلاء الأولياء،

<<  <  ج: ص:  >  >>