ومن ثمَّ كانت آية الإسراء أشرف آية مادّيّة حسيّة أوتيها نبيٌّ من رسل الله، وهي أجلّ ما أعطيه محمَّد الأمين خاتم الأنبياء والمرسلين من الآيات الحسّيّة، والكرامات المادّيّة، وهي في فضلها وعظمة الحفاوة تالية للقرآن الكريم في روعة دلالتها على صدق نبوّة محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، وعموم رسالته وخلودها، وما له عند الله من مكانة ورفعة شأن، ممَّا فُضِّل به على جميع الأنبياء والمرسلين بعد القرآن العظيم!
وقد كانت آيات الأنبياء والمرسلين -التي جعلها الله برهان صدقهم في دعواهم أنهم رسل من عند الله إلى قومهم، يدعونهم إلى توحيد الله وإلى الهُدى والخير- آيات ماديّة حسّيّة تخرق نواميس نظام الترابط المادّي بصورة قاهرة، لا طاقة للبشر بها، ولو اجتمعوا بعلومهم وأفكارهم وتجاربهم وحيلهم على معارضتها بوسائلهم البشريّة المادّيّة، فلا يجدون ذريعةً لردّها، إلا المكابرة والعناد، وأعناقهم لها خاضعة!
وآيات الأنبياء والمرسلين ومعجزاتهم إنما تجري على مقتضى سنن إلهيّة خاصّة، لا سبيل لتحكّم العقل فيها، وفي إدراك حقائقها، وتعرّف أسبابها .. والعقل بمعزل تام عن تحكيمه في ثبوتها .. ومدار التصديق بها على صحة ثبوتها هو الإخبار بها في واقع الوجود بسند صحيح، لا يعتريه ريب، ولا يعارض متنه أصل أثبت منه وأدخل في أصول الإسلام!