للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهي مستحبّة أو واجبة، كمن اطلع على شخص يريد أن يؤدي شخصاً ظلماً، فحذّره منه! (١)

[- المعلم الثالث]

ثم عقبت الآية من سورة (القلم) هذه الأوصاف بثلاثة أوصاف تصم الطاغية العربيد بأخبث أوصاف نماذج الطبيعة الشرّيرة: {مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (١٣)} {مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ} وهو قادر عليه يمسكه عن مواضع البرّ والإصلاح، وينفقه تبذيراً وإسرافاً في مواطن السوء والإفساد، فهو في حقيقته شحيح بخيل، لا تنتفع الحياة الصالحة من وجوده بشيء، ولا يصل إلى أحد منه خير يصدّ عن الحق، ويعاند الهدى، ثم هو بعد ذلك {مُعْتَدٍ أَثِيمٍ} ظلوم كفّار، لا يقف في ظلمه وتعدّيه عند حد!

- المعْلم الرابع:

وهو في بطشه واستبداده متجاوز لكل حد، مبطل كذوب، فاجر عنيد، كثير الإثم في محاربته لله ورسوله، لا يتوقى شراً، ولا يتحذّر من بغي، ولا يتحرّز من عتوّ، فهو مجمع القبائح والفضائح، وموئل الدنايا والرذائل!

ولا تنهي الآيات وصفها بهذه الأوصاف المهينة، حتى تتلقّاه مما شوّه خلق الله في صورته وسمته، وسحنته الخلقية {عُتُلٍّ} أي جاف، غليظ الطبع، شره، بطن، أكول شروب، فاحش العشرة، متفحش سيء المعرفة، لئيم النفس، خبيث الطبع، حقود كنود، يخاصم في غير حق فيفجر، ويعتدي فلا يبالي أن يخون ويغدر، ثقيل الظل جحود، كفور لكل نعمة، نكّار لكل إحسان!.


(١) الإحسان: ١٣: ٧٩، وانظر: فتح الباري: ١٠: ٤٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>