تبعاً لأساس الإيمان بالدعوة، وهو تبليغها بصورة توائم الجوّ الجديد الذي تتنسّمه الدعوة في رياحين حملتها!
وهل يستطيع من وجد الراحة والأمن وبيده دعوة تكلفه أن لا يختزنها لنفسه، وأن يبلّغها لكل من يستطيع إبلاغها له، أن يقعد دون قيامه بحق هذا التبليغ إذا سنحت له الفرصة، في غير إزعاج أو إثارة لمن آووه، وأمّنوه، وأراحوه؟
إن المؤمنين الذين هاجروا إلى الله، منتقلين من (مكّة) إلى الحبشة، يحملون في أفئدتهم آيات دعوتهم إلى الله -ويحملون معها دلائل حقّها عليهم في تبليغها، أينما وجدوا من أرض الله، فكيف إذا كانت هذه الأرض التي آوَوْا إليها أرض صدق وأمن، لا يجدون فيها ظلماً يزعجهم، ولا عداوة ترعبهم، ولا نفوساً تكره دعوتهم وتناهضها؟
إنهم حينئذ يكونون مسؤولين عن تبليغ هذه الدعوة، كلما وجدوا مجال التبليغ مهيّئاً لكلمتهم كلمة الحق والخير. يجهرون بها في غير عنت لأحد، ولا إثارة للمزعجات، وهم آمنون مطمئنون!
وكذلك كانت الأرض التي وجّههم إلى الهجرة إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قوله السابق، وهو يرى ما يصبّ عليهم من البلاء:"لو خرجتم إِلى أرض الحبشة، فإِن بها ملكاً لا يُظلم عنده أحد، وهي أرض صدق، حتى يجعل الله لكم فرجاً مما أنتم فيه".
[البعد عن مواطن الفتنة]
وهنا نبصر البعد عن مواطن الفتنة في الدّين للذين لا يستطيعون ردّ الاعتداء تمسّكاً بعرى الصبر، إلى أن تتمكّن الدعوة من توطيد أقدامها في السير إلى