للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قانوناً، ولا يستمسكون بشرائع الهداية، ولا يطوون صدورهم على ضمائر تردعهم عن الانغماس في موبقات الحياة ومظالمها ومفاسدها!

وهذا النهي قصد به إلهاب شعور رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتهييج وجدانه، ليكون في موقفه من مداهنة الكافرين كعهد الحياة به أشدّ وأصلب، وأسمى من أن يتنزّل إلى خداع رغائبهم!

[٣٥ - معالم خصائص نموذج الفجور]

- المعْلَم الأول:

ثم جاء تفصيل بعض هذا الإجمال بتعيين نموذج الطبيعة البشريّة بوصفه وخصائصه الشرّيرة المعيّنة: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (١٠)} والحلاّف مبالغة في كثرة الحلف، وامتهان القسم فيما رخص وسفل وهان واستهين، ولا يقع ذلك إلا ممن تولّى حياة الدناءات، وعاش فيها، وهانت عليه إنسانيّته، وانثلمت كرامته، وانعدمت من النفوس الثقة به، وشهر بينهم بالكذب والغشّ والخداع والخيانة، وخبث الطويّة، وملاحاة الناس في معاشرتهم والتحايل عليهم بما يكون وما لا يكون، وما ينبغي وما لا ينبغي!

وليس وراء ذلك وضاعة أو مهانة أو زراية بالنفس أو حقارة، أو ذلة ودناءة، أو رذالة أو نذالة، فالتلازم بين المبالغة في الحلف وكثرته وامتهان القسم، وبين الوضاعة والمهانة في جميع صورها من رذائل الطباع وسفالة الأخلاق من تلازم لا تنفك روابطه النفسيّة، حتى صار عنواناً على فساد الفطرة ودنس الطبيعة!

<<  <  ج: ص:  >  >>