للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحقيقته: التجنّب عن الحنث، وهو الإثم، فكأن المتعبّد يلقي الإثم عن نفسه بالعبادة!

قال الخطابي: ونظيره في الكلام، التحوّب والتأثّم: أي ألقى الحوب والإثم عن نفسه، قالوا: وليس في كلامهم تفعّل بهذا المعنى غير هذه!

وأقول: هذه شهادة نفي، وكيف وقد ثبت في الكتب الصرفية أن باب تفعّل يجيء للتجنّب كثيراً، نحو تحرّج وتخوّن، أي اجتنب الحرج والخيانة، وغير ذلك!

قال التيمي: هذا من المشكلات، ولا يهتدي إليه سوى الحذّاق، وسئل ابن الأعرابي عن قوله يتحنّث، فقال: لا أعرفه، وسألت أبا عمرو الشيباني فقال: لا أعرف يتحنّث، إنما هو يتحنّف من الحنفية!

قلت: جاء في رواية للبخاري من طريق يونس قال: أخبرني ابن شهاب أن عروة بن الزبير أخبره أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: كان أول ما بدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إِلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبّب إِليه الخلاء، فكان يخلو بغار حراء فيتحنّث فيه، قال: والتحنّث: التعبّد .. الحديث (١)!

قال ابن حجر (٢): هذا ظاهر في الإدراج، إذ لو كان من بقيّة كلام عائشة لجاء فيه: قالت، وهو يحتمل أن يكون من كلام عروة أو من دونه!


(١) البخاري: ٦٥ - التفسير (٤٩٥٣).
(٢) فتح الباري: ٨: ٥٨٨ ط الريان.

<<  <  ج: ص:  >  >>