للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإيحاء هذه الكلمات واضح عن قوّة بأس الذين كفروا يومذاك، والمخاوف المبثوثة في الصفّ المسلم .. وربما كان هذا بين (أُحُد) و (الخندق) عن قوّة بأس الذين كفروا -كما سيأتي- وأحرج الأوقات التي مرّت بها الجماعة المسلمة في (المدينة)، بين المنافقين، وكيد اليهود (١)، وتحفّز المشركين، وعدم اكتمال التصوّر الإِسلامي ووضوحه وتناسقه بين المسلمين!

[المعلم الثالث]

كذلك تبرز لنا حاجة النفس البشريّة، وهي تدفع إلى التكاليف التي تشقّ عليها، إلى شدّة الارتباط بالله وشدّة الطمأنينة إليه، وشدّة الاستعانة به، وشدّة الثقة بقدرته وقوّته .. فكل وسائل التقوية غير هذه لا تجدي، حين يبلغ الخطر قمته .. وهذه كلها حقائق نبصرها في المنهج الرباني .. والله هو الذي خلق هذه النفوس، وهو الذي يعلم كيف تربّى، وكيف تقوّى، وكيف تستجيب!

[زلزال شديد]

ومعلوم أن الشخصيّة المسلمة تصاغ في معترك الحياة ومصطرع الأحداث (٢)، ويوماً بعد يوم، وحدثاً بعد حدث تنضج وتنمو، وتتضح سماتها .. و (الجماعة المسلمة) تبرز إلى الوجود بمقوّماتها الخاصّة، وقيمها الخاصّة، وطابعها المميّز بين سائر الجماعات!

وكانت الأحداث تشتدّ على الجماعة الناشئة حتى لتبلغ أحياناً درجة الفتنة، وكانت فتنة كفتنة الذهب -كما أسلفنا- تفصل بين الجوهر الأصيل


(١) انظر كتابنا: "الرسول - صلى الله عليه وسلم - واليهود وجهاً لوجه" أربعة أجزاء.
(٢) السابق: ٥: ٢٨٣١ وما بعدها بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>