إلا منذ قرنين على الأكثر -كما يقول سليمان الندوي- رحمه الله - (١)، وحين ننظر إلى من ألف في السيرة ممن لا يؤمنون بالرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولا يوقنون برسالته، نجد كثيرين في الهند، على اختلاف مللها، قد ألفوا في السيرة، ونجد المبشّرين والمستشرقين قد كتبوا في السيرة، إرواء لظمئهم العلمي، أو محاولة للطعن في الكثير الغالب!
وفي مجلة (المقتبس) التي كانت تصدر في دمشق قبل نصف قرن تقريباً إحصاء لما صنف في السيرة النبويّة بمختلف اللغات الأوروبيّة بلغ نحو (١٣٠٠) ثلثمائة وألف كتاب، ولو أضفنا إلى هذا العدد ما صدر من المطابع الأوروبيّة في السيرة النبويّة خلال أربعين سنة بعد ذلك الإحصاء الذي نشرفه مجلة (المقتبس) لأربى على ذلك كثيراً!
[١ - نقص معيب]
وقد أصدر مرجليوث الذي كان أستاذاً للغة العربيّة في (جامعة أكسفورد) سنة ١٩٠٥ م كتابه (محمد) وجعله حلقة في سلسلة (عظائم الأمم) وهو لم يكتب كتابه هذا ليثني فيه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل لعله لم يُؤلَّف كاتبٌ بالإِنجليزيّة أشدّ تحاملاً على الرسول - صلى الله عليه وسلم - مما جاء في هذا الكتاب، وقد حاول مرجليوث أن يشوه كل ما يتعلق بالسيرة الشريفة، وأن يشكك في أسانيدها، ولم يأل جهداً في نقض ما أبرمه التاريخ, ومعارضة ما حققّه المحقّقون من المنصفين، لكنه مع كل هذا لم يتمالك عن الاعتراف في مقدمة كتابه بأن الذين كتبوا في سيرة محمد - صلى الله عليه وسلم - لا ينتهي ذكر أسمائهم، وأنهم يرون أن من الشرف للكاتب أن ينال المجد بتبوّئه مجلساً بين الذين كتبوا في السيرة المحمديّة!