للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(كما أن ضباب الصبح والأصيل ينقشع ويتبدد بنور الشمس البازغة الوهّاج، كذلك تحوّل الأمير الرقيق المترف الذي لم يكن يعرف إلا الشباب والهوى، والذي كان قد قَدم (أركاديوس) في عصره (١)، فارساً منتصراً، يقول الجيوش، ويفتح البلاد (كسيزر) (٢)، لقد أنقذت كرامة هرقل وروما بطريقة غريبة رائعة، وعاد إليهما اعتبارهما وقيمتهما)!

هذا إلى نبوات أخرى، وإعلانات بعيدة!

ولا يصنع من هذه الحبّة قبّة إلا من أعماه التعصّب المديني، والاسترسال في الخيال، والإمعان في الافتراض والتخمين (٣)!

وسنعرض لإبطال هذا التهافت بشيء من التفصيل عند الحديث عن الوحي!

[حماية الله للنبي]

وشب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محفوظاً من الله تعالى، بعيداً عن أقذار الجاهليّة وعاداتها، فكان أفضل قومه مروءة، وأحسنهم خُلقاً، وأشد هم حياءً، وأصدقهم حديثاً، وأعظمهم أمانة، وأبعدهم عن الفحش والبذاءة، حتى عُرف بين قومه بـ (الأمين)!

وقد عصمه الله تعالى من أن يتورط فيما لا يليق بشأنه، من عادات الجاهليّة، ولا مما لا يرون به بأساً، ولا يرفعون له رأساً، وكان واصلاً


(١) الملك الرومي الخليع المستهتر الذي أصبح مثلاً في تاريخ أوروبا للتمتع المسرف والترف الفاحش.
(٢) الإمبراطور الرومي الذي اشتهر بفتوحه وامتداد ملكه.
(٣) انظر تفصيل القول في رد هذا التهافت في مدخل إلى القرآن الكريم: دكتور محمد عبد الله دراز: ١٣٥ وما بعدها، دار القلم، الكويت ١٤٠٠ هـ ١٩٨٠ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>