للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فليس من العدل العلمي، ولا من الإنصاف العقلي، تحكيم متعارف العقول، وقضايا العلم المادي، ومألوف الناس في عاداتهم وتجاربهم في سنن الله، وتقييدها بما عُرف من قضايا تجريبيّة أو معارف عقليّة!

ولو حُكّم متعارف عقول غير المؤمنين، ومألوف العادات في فهم سنن الله تحكيماً مطلقاً، لبطلت أصول الرسالات السماوية؛ لأن العادات، ومتعارف هذه العقول، وقوانين المنطق المادي، لا تُدرك حقيقة النبوة، فتُحيلها بصورتها الدينيّة؛ لأن النبوة قائمة على الوحي، وهو معنى لم تحدد حقيقته بغير الاتصال البشري بالملأ الأعلى الذي هو غيب مطلق في حقيقته، وطريق الاتصال به من قبل البشر، واتصاله بالبشر، وكل ما يعرفه العلم الديني عن الوحي أنه يتم باتصال فرد من البشر يصطفيه الله لنبوته، بروح علوي، تسميه الشرائع السماويّة (مَلكاً) وهو أمر يجهل العقل الإنساني حقيقته، وفي هذا الاتصال تتلقى الشخصيّة البشرية عن هذا الروح العلوي أموراً من قِبل الحق، هي شرائعه التي يتعبّد الله بها خلقه، وينظم بها حياتهم، ليقوم الناس بالقسط!

[وهنا يتساءل العقل الإنساني]

كيف يتصل فرد من البشر بما فيه من خصائص البشريّة بـ (ملَك) بما له من خصائص الملكوتيّة؟

وكيف يتلقّى عنه ما يبلغه عن الله تعالى؟

[ثم يتساءل العقل مرة أخرى]

كيف يتلّقى الملَك عن الله -عَزَّ وَجَلَّ- ما يؤديه إلى آحاد البشر؟

ولا ريب أن العقل سيقف أمام هذا التساؤل في جانبيه حائراً، لا يحير جواباً

<<  <  ج: ص:  >  >>