الوليد، وهو عجيب منه، مع وجود التصريح بأنه أميّة بن خلف، ولم يقتل ببدر كافراً من الذين سمعوا عند غيره، ووقع في تفسير ابن حبان بأنه أبو لهب، وفي (شرح الأحكام لابن بزيزة) أنه منافق، وردّ بأن القصّة وقعت بمكّة بلا خلاف، ولم يكن النفاق ظهر بعد، وقد جزم الواقدي بأنها كانت في رمضان سنة خمس، وكانت المهاجرة الأولى إلى الحبشة قد خرجت في شهر رجب، فلما بلغهم ذلك رجعوا فوجدوهم على حالهم من الكفر، فهاجروا الثانية، ويحتمل أن يكون الأربعة لم يسجدوا، والتعميم في كلام ابن مسعود بالنسبة إلى ما اطلع عليه، كما قلته في المطّلب، لكن لا يفسّر الذي في حديث ابن مسعود إلا بأميّة؛ لما ذكرته، والله أعلم!
[لا سبيل للشيطان]
هذا، وقد دلّت النصوص الناطقة نقلاً وعقلاً على أنه لا سبيل للشيطان قط على أنبياء الله ورسله، لعصمتهم من تسلطه عليهم (١)!
أما من جهة النقل: فقد قال تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا (٦٥)} (الإسراء)!
وقوله حكايته عن إبليس في نفيه استطاعة التضليل لعباد الله المخلَصين: {إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٤٠)} (الحجر)، (ص: ٨٣)!
وبإزالة هذه الوساوس الشيطانيّة، والشُّبه الإضلاليّة، يتميّز الحق، وهو ما جاءت به الرسل من الهُدى والتوحيد عن الباطل، وهو ما يلقيه الشيطان من الوسوسة والأباطيل في أنفس المشركين، والذين في قلوبهم مرض، ليصدّهم
(١) محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ٢: ٩٨ وما بعدها بتصرف.