فكري، وإنما كان امتيازه بينهم أنه المثل الأعلى لمعالي المكارم، ومكارم المعالي، يعرفونه بـ (الصادق الأمين) أكثر مما يعرفه باسمه، لا يمسهم في محافل رذائلهم، ولا يقرب من أندية وثنيّاتهم، ولا ينزل من علياء استقامته إلى مباءات مفاسدهم وشرورهم، تسامى بنفسه -وهو بينهم كأحدهم- عن كل ما يخدش سيرته، أو يقتحم عليه سريرته، عاشرهم في شوارف حياتهم، وخالطهم فيما يأثرون من مفاخر الفضائل الإنسانية فيهم!
فكانت سجيّة صدق الحديث فيه عنوانًا على ما طوى الغيب في كتاب مستقبله في رسالته الخالدة، وكشفت إشراقات إيمان أمّ المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- عن مضامن ما طواه العنوان من جميل صنع الله في أفضاله عليه بإحسانه إليه، وإسباغه أجلّ نعمه عليه إذ أرسله رحمةً للعالمين!
وطارت خديجة -رضي الله عنها- بأجنحة الإيمان، وصدق اليقين، ويقين التوسم إلى ربض علّيّين، حيث أعدّ الله لها ما أعده للصّديقين، والله يهدي من يشاء من عباده بفضله، وهو العزيز الحكيم!
[٩ - صلة الرحم]
وصلة الرحم فضيلة إنسانيّة من أفضل وأشرف الفضائل الاجتماعيّة التي تربط الأفراد والأسر بوشائج الودّ والإخاء، تقرّب البعيد، وتُدني القصيّ، وتردّ الشارد، وتغسل الأحقاد، وتزرع المودّات!
وتتجلّى هذه الفضيلة الإنسانيّة في حسن المعاملة، وإحسان العشرة، ومشاركة البرّ، ومواساة الإحسان، وإيثار الفضل في المنافع، مع نقاء السريرة وبهجة العلانية، ومعاونة المحتاج، وتبادل الخيرات، والعفو عن الزلات!