والزهد فيما ليس عنده، ويمنع الغلظ والفظاظة، ويشمل العفو عن المسيء، وإقالة عثرته، ويشمل الرد على المسيء بالإحسان، ويشمل تخليص القلب من الإحن، ويشمل الإعراض عن الجاهليّة، وترك المهاترة، والمماراة والمجادلة، ويشمل التيسير وترك التعسير، ويشمل التبشير دون التنفير!
وفي الجملة يشمل تهذيب النفس، وتربية الوجدان، والتآلف مع الناس، والقرب إليهم، والتواضع والرفق بالضعفاء، والقرب منهم، والألم لآلامهم، والسرور لسرورهم، والاندماج فيهم من غير تأثر، ولا تجانف لإثم!
وكل هذا يؤثر في الدعوة إلى الحق، بما لا تؤثر البراهين وضروب الأقيسة!
لقد هيأ الله تعالى الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليكون الهادي إلى الحق، وإلى صراط مستقيم، فوهبه الخلق الكامل، الذي يؤلف القلوب، ويجمع النفوس، إلا من طغى واستكبر، وآثر الهوى على الحق .. وقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - قبل البعثة يحب العشير، ويقرب الصديق، ولا يعنت أحداً بعداوة، بل كان يعفّ عن قول الخنا وفعله، ويبتعد عن الهوى وجموحه، لا يعادي، ولا يصخب، ولا يفحش في قول أو عمل، وهو الصادق، وهو الأمين وهو الذي يعين الكلّ، ويغيث الضعيف، ويعين على نوائب الدهر!
[وصف هند بن أبا هالة]
ونقبس من حديث هند بن أبي هالة، وهو ابن أم المؤمنين خديجة -من غير النبي- ما يتصل بخلق الرسول - صلى الله عليه وسلم -، حيث قال:
(كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخزن لسانه إلا فيما يعنيه، ويؤلّفهم ولا ينفّرهم، ويكرم كريم كل قوم ويولّيه عليهم، ويحذر الناس ويحترس منهم، من غير