للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القاضي عياض وغيره (١): إنما ابتدئ -عليه الصلاة والسلام - بالرؤيا، لئلا يفجؤه الملك، ويأتيه صريح النبوة بغتة، فلا تحتملها قوى البشرية، فبدئ بأوائل خصال النبوة، وتباشير الكرامة من صدق الرؤيا .. وسلام الحجر عليه بالنبوة!

يروي مسلم وغيره عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢): "إِني لأعرف حجراً بمكة كان يسلّم عليّ قبل أن أبعث، إِني لأعرفه الآن"!

٦ - حُبِّب إليه الخلاء:

قال القسطلاني (٣): عبّر بحُبِّب المبني لما لم يسم فاعله، لعدم تحقق الباعث على ذلك، وإن كان كلٌّ من عند الله، أو تنبيهاً على أنه لم يكن من باعث البشر، وإنما حبب إليه الخلوة؛ لأن معها فراغ القلب والانقطاع عن الخلق، ليجد الوحي منه متمكناً!

وفيه تنبيه على فضل العزلة؛ لأنها تريح القلب من أشغال الدنيا، وتفرغه لله تعالى، فتتفجر منه ينابيع الحكمة. والخلوة أن يخلو عن غيره، بل وعن نفسه بربه، وعند ذلك يكون خليقاً بأن يكون قالبه ممراً لواردات علوم الغيب،


(١) طرح التثريب: ٤: ١٨٤ بتصرف.
(٢) مسلم: ٤٣ - الفضائل (٢٢٧٧)، والدارمي: ١: ١٢، وأحمد: ٥: ٨٩، ٩٥، ١٠٥، وابن أبي شيبة: ٧: ٤٢٤، والبيهقي: الدلائل: ٢: ١٥٣، وأبو نعيم: الدلائل: ٣٠٠، ٣٠١، والبغوي (٣٧٠٩)، والطيالسي (١٩٠٧)، والترمذي (٣٦٢٤)، والطبراني في الكبير (١٩٠٧، ١٩٦١، ٢٠٢٨)، وفي الأوسط (٢٠٣٣)، وفي الصغير (١٦٧)، وابن حبان: الإحسان (٦٤٨٢).
(٣) إرشاد الساري: ١: ٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>