للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونبصر صبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - على هؤلاء الذين واجهوه بسوء العاملة -كما عرفنا- ومع ذلك كله لم يطلب من الله أن ينتقم منهم، بل دعا الله تبارك وتعالى أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله وحده .. ومن ثم كان قدوم ثقيف مسلمة -كما سيأتي بعد حصار الطائف ورجوعه إلى المدينة!

قدوم الجنّ وإسلامهم:

قال ابن إسحاق: ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصرف من الطائف راجعاً إلى مكة، حين يئس من خبر ثقيف، حتى إذا كان بنخلة قام من جوف الليل يصلّي، فمرّ به النّفر من الجنّ الذين ذكرهم الله تبارك وتعالى، وهم -فيما ذكر لي- سبعة نفر من جنّ أهل نصيبين، فاستمعوا له، فلمّا فرغ من صلاته ولّوْا إلى قومهم منذرين، قد آمنوا، وأجابوا إلى ما سمعوا، فقصّ الله خبرهم عليه - صلى الله عليه وسلم -، قال الله عزّ وجل: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} إلى قوله تعالى: {ويُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (٣١)}! (الأحقاف).

وقال تبارك وتعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ}! (الجن) إلى آخر القصة من خبرهم في هذه السورة (١).

وأخرج الحاكم وغيره عن ابن مسعود قال: هبطوا، يعني: الجنّ، على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة، فلما سمعوه قالوا: أنصتوا، قالوا: صه، وكانوا تسعة، أحدهم زوبعة، فأنزل الله: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} إلى قوله: {ضَلالٍ مُّبِينٍ (٣٢)}! (٢).


(١) السيرة النبوية: ابن هشام: ٢: ٧٣ وصرح بالسماع، وهو مرسل عن محمَّد بن كعب القرظي.
(٢) الحاكم: ٢: ٤٥٦، وصححه ووافقه الذهبي، وأبو نعيم: الدلائل: ٣٠٤، والبيهقي: الدلائل: ٢: ٢٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>