للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-كما سيأتي- ولكنهم ما لبثوا أن أعلنوا الحرب على الرسالة والرسول - صلى الله عليه وسلم -، ومن ثم كانت ضرورة الدفاع والمواجهة -كما سبق أن عرفنا (١)!

[إدراك العجز إدراك]

والإنسان الذي يحيا في دائره الإيمان بالله عزّ وجلّ، ويشرق قلبه بنور الله، ويحقّق معنى الإنسانيّة بسلوكه يسمو قدره، وتزكو منزلته!

ومن ثم فهو يتصرّف في جميع أحواله بحريّة تامّة، موافقة لطبيعته إلى التحرّر .. لكن روابط المجتمع وعلاقات الأفراد بعضهم ببعض، وصلة كل منهم في المحيط المحدود والنطاق الواسع .. كل أولئك يفرض عليه أن يساير النظم والقوانين، وفي ذلك متسع، طالما ذلك في المباح .. وهذا من شأنه أن يجعله مسؤولًا تجاه التصرّفات التي تسيء إليه وإلى المجتمع الذي يعيش فيه!

ومع أن الله عزّ وجل قد كرّمه وفضّله على كثير من خلقه، بالتكوين والاستعدادات التي أودعها فطرته، وبمكانه في الكون، وبما لا يُحصى ولا يعدّ من الآلاء والنعم .. وخصّه بالعقل الذي هو مناط التكليف، والذي هو عين مبصرة، يرى بها عظمة الخالق جلّ شأنه!

ومعلوم أن العقل هو المركز الذي يبدأ منه التفلسف، ويتركّز النظر، فيرتفع بسهولة ويسر إلى المنصب الذي رشّح له، ويرتقي إلى الغاية المنوطة به .. ومن ثم يدرك مشاعر الخشية والجلال، والعظمة والكمال!

والإنسان مطالب بأن ينتفع بالعقل في حدود ما يدرك؛ لأنه عاجز وقاصر دون الحقيقة .. وعليه أن يدرك ما أدركه الصّدّيق - رضي الله عنه - في قوله:


(١) انظر كتابنا (الرسول - صلى الله عليه وسلم - واليهود وجهًا لوجه) أربعة أجزاء ١٩٢٧ صفحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>