القول بأن حديث الغرانيق مما ألقاه الشيطان على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم نسخه سبحانه وتعالى كما يقول الغرنوقيّون، ولا سيّما وهو ممّا لا يتوقّف على صحته أمر دينيّ، ولا معنى آية، ولا، ولا، سوى أنها حصول شُبَه في قلوب كثير من ضعفاء المؤمنين، لا تكاد تدفع إلا بجهد جهيد!
قلنا: وسوى أنها تفتح لأعداء الإِسلام المتربّصين به من الملاحدة، وشراذم المستشرقين، ولمائم المبشّرين المتعصّبين، وهم أكثر الناس عدداً وأقواهم عدّة، وأقدرهم على ترويج الباطل بما يملكون من وسائل الترويج -كما أسلفنا- ولو لم يكن من فوائد القضاء عليها ودفنها في أحشاء مختلقيها سوى سدّ هذا الباب الشرير المفسد لكفى، فضلاً للأقلام التي تشرع أسنّتها، لهدم باطلها، وتبيين خبثها!
قال الشيخ عرجون: ونضيف إلى نقض العلاّمة الآلوسي لردّ الشيخ إبراهيم الكوراني دقيقةً تهدم بنيان (الغرنقة) في كلام الشيخ الكوراني: ذلك أنه يقول: لابدّ من حمل الكلام على الاستفهام أو حذف القول -أي في رواية القصّة الغرنوقية -ومعنى ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يلبّسْ عليه- ولم يُلْق الشيطان على لسانه شيئاً، ولم يُسلب العصمة، ولكنّه - صلى الله عليه وسلم - فيما يتصوّر الغرانقة حين يتأوّلون في روايات القصّة - حين تلا - صلى الله عليه وسلم - آيات ذمّ الأوثان وعابديها من المشركين الوثنيّن بأسلوب الإنكار والتوبيخ في قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (٢٠)} (النجم)! عجيب من شناعة أمرهم، وقبح اعتقادهم، وسوء قالتهم، فبيّن عن إنكاره وتعجّبه بحكاية ما يصفون به أوثانهم بجملة استفهاميّة إنكاريّة مقرعة، محذوفة أداء الاستفهام، أو بجملة إخبار تحكي قولهم بحذف القول!