وعندئذ يتلو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثقة وطمأنينة وفيي امتلاء روح قول الله تعالى كما سبق.
حقًّا إنها صورة تلقي في القلب المهابة، والثقة، والمودّة، والاطمئنان، ومن ثم كان يملك قلوب سامعيه الذين قد يقصدون إليه أول الأمر ساخرين أو حانقن - صلى الله عليه وسلم - وصدق الله العظيم:{اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}(الأنعام: ١٢٤).
[٢٠ - في رحاب سورة (فصلت)]
هذا، وكان جواب النبي - صلى الله عليه وسلم - على عرض عتبة في لقائه منفرداً سفيراً من ملأ الماديّة الوثنيّة أن قرأ عليه -كما عرفنا- مقدمة سورة فصلت (١)، وهي من طلائع التنزيل، ونموذج من أرفع نماذج البيان القرآني في روعة الأسلوب، وبراعة الإعجاز الشامل لإعجاز الأسلوب، وطرائق الأداء، واتساق الصياغة البيانيّة، والشامل لإعجاز الهداية والحقائق الكونيّة، والمعاني الإصلاحيّة، والمعارف الفكريّة، والعلوم العقليّة، لما اشتملت عليه من عرض لآيات الكون في بعض جوانبه، وما تضمنته من رهبة الإنذار، وروعة الإرهاب للذين يلحدون في آيات الله، ويكفرون بما أنزل الله من كتاب يدعوهم إلى الرشد والخير، وبما حوته من حوار وحجاج، وقصص وأحداث، مليئة بالعبر التي توقظ الضمير، وتوجه العقل إلى النظر في آيات الله، حتى يتبيّن للناظرين بعين الاعتبار أن الذي أنزل على محمَّد - صلى الله عليه وسلم - هو الحق، جاءهم به من عند ربهم، مما يقتضينا أن نجمل في إيجاز معبّر بيان حقائق هذه السورة الكريمة ومعانيها التي تجلّت فيها حكمة اختيار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لها جواباً على ما عرضه سفير طواغيت