إننا نعاني من ويلات الجاهلية، والإِسلام منا قريب .. ونعاني من حرب الجاهلية وسلام الإِسلام في متناول أيدينا لو نشاء .. فأيّة صفقة خاسرة هذه التي نستبدل فيها الذي هو أدنى بالذي هو خير؟ ونشتري فيها الضلالة بالهدى؟ ونؤثر فيها الحرب على السلام؟!
إننا نملك إنقاذ البشريّة من ويلات الجاهليّة وحربها المشبوبة في شتّى الصور والألوان .. ولكننا لا نملك ذلك قبل أن ننقذ نحن أنفسنا .. وقبل أن نفيء إلى ظل السلام، حين نفيء إلى رضوان الله ونتبع ما ارتضاه، فنكون من هؤلاء الذين يقول الله عنهم:{وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ}!
والجاهلية كلها ظلمات .. ظلمة الشبهات والخرافات والأساطير والتصورات .. وظلمة الشهوات والنزعات والاندفاعات في التيه .. وظلمة الحيرة والقلق والانقطاع عن الهدى والوحشة من الجناب الآمن المأنوس .. وظلمة اضطراب القيم وتخلخل الأحكام والقيم والموازين .. والنور هو النور!
{وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٧٥)}!
مستقيم مع فطرة النفس ونواميسها التي تحكمها .. مستقيم مع فطرة الكون ونواميسه التي تصرفه .. مستقيم إلى الله، لا يلتوي ولا تلتبس فيه لحقائق والاتجاهات والغايات!
[٣ - مكانة التوحيد]
ومعلوم أن التوحيد قاعدة العقيدة، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥)} (الأنبياء)!