وبعد أن عرضنا -إجمالاً- لأهم الأدلّة، نبصر دعوةً تنادي المسلم، وتدعوه أن يتحرّك ويرتفع، فالإسراء لم يكن لغير محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، والمعراج كذلك .. والمسلم من أتباع هذا النبيّ الذي أسرى الله به ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى في لحظات، وعرج به إلى السماوات العلا في لمحات، إلى أن جاوز مرتبةً وقفت عندها الخواطر والأماني .. ومن ثم يتحرّك المؤمن في طريق الصعود، فقد عبّد الرسول - صلى الله عليه وسلم - طريق الحق، وذلّل سبيل الهُدى، وتحمّل ما تحمّل .. وقد فتحت هذه الآية الربّانيّة عوالم، وقدّمت معالم، وأبصرتنا آفاق المجد واسعة!
ونبصر المسلم الصادق لا يختص بأرض دون أرض، ولا يحدّه مكان دون مكان، فهو كالشمس تشرق لتضيء الدنيا كلها، ومكانها في العلياء .. ونبصره يتحرّك لتبليغ دعوة الله إلى خلق الله، عسى أن يفتح الله به قلوباً غلفاً، وآذاناً صمًّا، وأعيناً عمياً!
وإذا ما كانت هذه الآية عوضاً عن جفوة الأرض وفقد النصير فإن مطلع سورة الإسراء -كما أسلفنا- يبصّرنا بالتنزيه والتقديس، وختامها يدعونا إلى الحمد، ووسط البدء والختام نقرأ عقب دعاوى المشركين عن الآية: