وما بعد منطق أرسطو حجّة لقائل، وقد نسي الشيخ الكورانيّ أن أرسطو وتلاميذه عجماً وعرباً يشترطون لصحة نتيجة القياس الأرسطي صحة قضاياه وصدقها، وقياس الشيخ الكوراني باطل، فالصغرى فيه كاذبة؛ لأن كون ما يلقي الشيطان من الكفر والشرك صدقاً، بناء على اعتقاد أن المُلْقي ملك باطل؛ لأن الملْقي شيطان وليس ملكاً، والاعتقاد الفاسد لا يجعل الكذب والباطل صدقاً وحقًّا، وإذا أبطلت صغرى قياس الشيخ الكوراني فقد انهدم بنيان قياسه كله، وتبرأ منه أرسطو وإخوانه من المتفلسفة العقلانيّين!
[المفسدة السادسة]
ومن المفاسد اللازمة على كون النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الناطق بما ألقاه الشيطان على لسانه، الإخلال بالوثوق بالقرآن، فلا يؤمن فيه التبديل والتغيير، ولا يندفع هذا الإخلال بالوثوق بقوله:{فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ}(الحج: ٥٢)! لأن هذا القول ينسخ ما يلقي الشيطان، يحتمل أنه -أي الناسخ- مما ألقاه الشيطان؛ إذ لا فرق -كما قال العلاّمة البيضاوي- قال الكورانيّ: يرد على ذلك لا إخلال بالوثوق بالقرآن عند الذين أوتوا العلم والذين آمنوا؛ لأن وثوق كل منهم تابع لوثوق متبوعهم الصادق الأمين، فإذا جزم بأمر أنه كذا جزموا به، وإذا رجع عن شيء بعد الجزم رجعوا عنه، كما هو شأنهم في نسخ غير هذا من الآيات التي هي كلام الله تعالى لفظاً ومعنى، إذ قبل نسخ ما نسخ لفظه كانوا جازمين بأنهم متعبّدون بتلاوته، وبعد النسخ جزموا بأنهم متعبّدون بتلاوته، وما نسخ حكمه كانوا جازمين بأنهم مكلّفون بحكمه، وبعد النسخ جزموا بأنهم ما هم مكلّفين به، فقول البيضاوي: إن ذلك لا يندفع بقوله تعالى: {فَيَنْسَخُ اللَّهُ} إلخ؛ لأنه أيضاً يحتمله ليس بشيء؛ لأنه إن أراد أنه