للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأولى هذه الأقوال بالصواب وأسلمها من الارتياب: الثالث، واللذان بعده، وما عداها فهو معترض (١)!

[أضواء على الأقوال]

وهنا لابد من وقفة لإبطال ما ينبغي إبطاله من تلك الأقوال:

إبطال القول الأول: أما عن القول الأول، وهو الجنون؛ فإنه صريح في أنه جعل الجنون والكهانة أمراً واحداً وقولاً واحداً، وهما في الواقع أمران، فالجنون لا يجتمع مع الكهانة في شخص واحد، في زمن واحد، وبيان ذلك فيما يلي:

[الجنون]

الجنون مصدر جُنّ -بالبناء للمجهول- فهو مجنون: أي زال عقله أو فسد، أو دخلته الجن، وجنّ الشيء عليه: ستره، ويطلق على اختلال القوة بين الأمور الحسنة والقبيحة، المدركة للعواقب بأن لا يظهر أثرها وتتعطل أفعالها، إما بالنقصان الذي جبل عليه الدماغ في أصل الخلقة، وإما بخروج مزاج الدماغ عن الاعتدال، بسبب خلط أو آفة، وإما لاستيلاء الشيطان عليه، وإلقاء الخيالات الفاسدة إليه، بحيث يفزع من غير ما يصلح سبباً، كما يطلق على اختلال العقل بحيث يمنع جريان الأفعال والأقوال على نهجه إلا نادراً، واختلال القوة التي بها إدراك الكليات (٢)!


(١) فتح الباري: ١: ٢٤.
(٢) اللسان، والصحاح (جنن)، والتعريفات (جنون)، والكليات: ٣٤٩، وكشاف اصطلاحات الفنون: ١: ٣٨٠، ط ١٣٨٢ هـ، وابن عابدين: ١: ٤٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>