جذوره في أعماق النفس، ولكن مخالبه تنشب في أحشاء الأمة والدولة، ذلك هو داء الشح والبخل، أو الإمساك والتقتير .. فإن القرآن قد مضى يكشف لنا عن مصادره ومنابعه، فأرانا كيف ينظر الأشحّاء إلى حطام الدنيا من خلال عدسة مكبّرة مزورة، وكيف أورثتهم هذه النظرة الخاطئة ارتفاعاً فاحشاً في درجة حبّهم لهذا الحطام: {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (٢٠)} (الفجر)!
هكذا وضع القرآن يدنا على رأس المرض وجرثومته .. فهل تراه بذلك قد أدّى كل مهمّة الطبيب، وقام بكل رسالته؟!
كلا، لقد بقي شطرها الأخير والخطير .. إذ ما يجدي وصف المرض وتشخيصه إذا لم توصف الوسائل الناجعة لعلاجه أو الوقاية منه؟!
فلننظر الآن كيف عالج وضع القرآن قدمنا على جادة الطريق لنزاول هذا العلاج؟!
إنه علاج يتألّف من ثلاثة عناصر:
عنصر يزوّد القول بالحقائق الأوليّة!
وعنصر يمدّ الإيمان بالحقائق الغيبيّة!
وعنصر يغذّي العزائم بالوسائل العملية!
ولقد يأخذك العجب، كيف يكون في الدنيا عاقل تغيب عنه بعض الحقائق الأوليّة، ويحتاج إلى التزوّد منها؟!
ولكن، أليست النفسيّة الشحيحة من شأنها أن تستر عن صاحبها هذه الحقائق؟ فالبخيل إذا استولى حبّ المال على قلبه، أصبح مرهف الإحساس به،