إلى حد أنه يعدّه جزءاً متمّماً لجسمه وروحه، فإذا دعوته إلى الإنقاص منه، أحسّ كأن روحه بدأت تستلّ من بدنه، وجعل ينظر إليك نظر المغشيّ عليه من الموت، نظرات كلها توسّل والتماس، كأنه يقول:
رويدك .. رحماك!!
رفقاً بي، لا تمس لي طعاماً ولا شراباً ولا درهماً ولا ديناراً!!
إن كل فلذة تقتطعها من مالي، إنما هي عضو تنشره من جسمي! فإن هلك مالي هلكت نفسي، وإن بقي مالي بقيت!!
إنه ليرخي أمامي حبل الأمل، وينسيني محتوم الأجل!!
إني لأستمدّ من زيادته واكتماله قوة وفُتوّة، ومن بقائه شعوراً بالبقاء والخلود!
هكذا قد يصل حبّ المال بصاحبه إلى نسيان هذه الحقيقة الأولى، وهي أنه لم يكتب لبشر قبله الخلود، وأنه لم يكن تخليد المال تخليداً لصاحبه في عهد من عهود البشريّة، فيكشف القرآن عن بصره هذه الغشاوة ليوقظه من هذه النومة العميقة: {الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (٢) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (٣) كَلَّا ...} (الهمزة)!
فإذا لم يكن من الخالدين لينتفع بهذا المال في حياته! ولم يدخل في حسابه يوماً أن يبرّ به أهلاً ولا ولدًا!، ولا أن يمنح منه الآخرين عوناً ولا رفداً، ولا أن