للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولتمكن الأصالة فيه كان يقتضب ويتجوز ويشتق ويبتدع، فيصبح ما أمضاه من ذلك حسنة من حسنات البيان، وسراً من أسرار اللسان، يزيد في ميراث اللغة، ويرفع من قدر الأدب!

والإيجاز وهو تأدية المعاني الكثيرة بالألفاظ القليلة، غالب على أسلوب الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الإيجاز قوة في التعبير، وامتلاء في اللفظ، وشدة في التماسك، وهذه صفات تلازم قوة العقل، وقوة الروح، وقوة الشعور، وقوة الذهن، وهذه القوى كلها، على أكمل ما تكون في الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ومن هنا شاعت جوامع الكلم في خطبه وأحاديثه، حتى عدّت من خصائصه!

على أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يعطي لكل حالة ما يناسبها .. ومن ثم فإن كلامه يتسم بالإلهام والإبداع والعبقريّة الفذّة، ويمتاز بالجزالة والجلالة والسبك!

وتلك هي بلاغة الإلهام والفيض، تكشف الحجب بنور الحق، وترسل الكلمة من فيض الخاطر، وعفو البديهة، فتكون حكمة الحاضر ونبوة المستقبل!

[الخلق الكامل]

والخلق الكامل يشمل الفضيلة (١)، والتمسك بها، والالتزام بحقها، ويشمل حسن العشرة ولطف المودة، ويشمل صلة الرحم والإحسان إلى الجار القريب والبعيد، ويشمل حب الناس والرفق بهم، ويشمل التواضع، ويشمل الأناة والحلم، ومنع الجفوة، ويشمل كظم النفس واجتناب الغيظ، ويشمل الحياء، وإقراء السلام على من عرف ومن لم يعرف، ويشمل الجود بما عنده،


(١) خاتم النبيّين: ١: ٢٣٨ وما بعدها بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>