موضوعياً، لتلقي هذه الظواهر كلها، حيث التقت كي تؤدي دوراً معيّناً، ليس أقل نتائجه تخطيط خريطة العالم، في عالم الظاهر، وفي عالم الشعور، على هذا الوضع الذي صارت إليه الأمور، منذ ذلك التاريخ البعيد!
وهذا يسوق إلى دراسة حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في هذا السياق الكوني للتاريخ!
وتسوق هذه الدراسة من كل جوانبها، وسائر ما يحيط بها إلى أن ندرك نظاماً مقدوراً، وقصدًا مقصوداً، وموافقات مدبرة .. فلم تكن مصادفة عابرة في الاختيار لهذا الحدث الفريد الوحيد عبر التاريخ .. ومن ثم تتبيّن المعالم الكليّة التي تضمنها هذا الحدث قبل البدء في دراسة الأحداث العالميّة التي تمت على هذا الأساس!
وبذلك تتهيَّأ صورة مستكملة الجوانب لكل الأوضاع التي نشأت عنها الاستجابات التي وقعت بالفعل في تاريخ الإسلام، في الفترة التي قلت ظهوره، كما يتهيّأ تفسير هذه الاستجابات تفسيراً صحيحاً مستكملاً لكل عناصر الحكم والتقدير!
وبذلك يكون التاريخ عمليّة استبطان وتجاوب في ضمائر الأشياء والأشخاص والأزمان والأحداث، ويتصل بناموس الكون، ومدارج البشرية، ويصبح كائناً حياً، ومادة حياة!
[٤ - خطوات الدعوة]
ومتى استقام الأمر على ذلك النهج، وبرزت تلك المقوّمات الأساسيّة لحقيقة الرسالة والرسول - صلى الله عليه وسلم -، وطبيعة البيئة التي استقبلت الدعوة، واستقبلت الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وطبيعة المجتمع الإنساني الذي كان يعاصر مولد الإسلام، وطبيعة العقائد والأفكار التي كانت تسوده يوم ذاك!