جماعة من بني الإنسان في حيّز من الزمان والمكان، ولمَّا كان الإسلام رسالة كونيّة بشريّة غير محدودة بالزمان والمكان، فإن التاريخ الإسلامي لا يمكن فصله من التاريخ الإنساني .. وقد تأثّرت تلك الفترة -من غير شك- بتجارب البشريّة كلها من قبل، وبخاصة تلك العوامل التي كانت واقعة عند مولد الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ثم أثرت بدورها في تجارب البشرية من بعد، وتلك الجهات التي امتدّت إليها أو جاورتها، فلابد إذن عند عرض التاريخ الإسلامي عامة، والسيرة النبويّة خاصة من الإلمام بالصورة التي انتهت إليها تجارب الإنسانيّة قبيل مولد الإسلام، والحالة التي صارت إليها المجتمعات البشرّية في الأرض، وبخاصة العقائد الدينيّة، وسائر ما يتعلق بها من أفكار وفلسفات ونظريّات، والأوضاع الاجتماعيّة، وما يتعلق بها من نظم الحكم، وسياسة المال، وعلاقات المجتمع، والأخلاق والعادات والأفكار، كي تتبيّن على ضوئها حقيقة دور الرساله والرسول - صلى الله عليه وسلم -!
ويمكن تفسير استجابة العالم لهذا النظام الجديد قبولاً أو رفضاً، وتصوّر أسباب الصراع، وعوامل النصر والهزيمة، وعناصر التفاعل والتدافع، والتلاقي والانعكاس، على مرّ الأيام!
وإذا كان الإلمام بوضع العالم إذ ذاك ضروريًّا؛ فإن الإلمام بوضع شبه الجزيرة العربيّة وتصور الحياة فيها، من نواحيها كافة أكثر ضرورة، بوصفها مهد الإسلام الأول من جهة، ومركز التجمّع والانسياح من جهة أخرى!
تُرى، هل كانت مصادفة عابرة أن يظهر الرسول - صلى الله عليه وسلم - في هذا الموضع من الأرض في هذا الزمان؟!
إن هنالك نظاماً مقدورًا، وقصداً مقصوداً، وتدبيراً معيّناً، وترتيباً