للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بما صح، وجاءت خلواً من تمييز المقبول من المردود، ومن ثم لا يكتفى بذكر من روى الحديث إذا لم يكن في الصحيحين أو أحدهما؛ بل لا بد من الالنزام بقواعد التحديث رواية ودراية، ولا تذكر الروايات الضعيفة، والموضوعة! لا في مجال الرد، انطلاقاً من أن السيرة جزء من الحديث -كما أسلفنا- وأن المسلم مطالب بالتأسي بالرسول - صلى الله عليه وسلم -، وذلك يتطلب المعرفة الصحيحة, فكيف إذا كان من أهل العلم والدعوة إلى الله؟!

وحسبنا أن نشير إلى رد بعض أقوال أهل العلم في المراد بالخشية في حديث بدء الوحي (١)، ورد بلاع التردّي من رؤوس شواهق الجبال (٢) -كما سيأتي- وما إلى ذلك مما يطول الحديث فيه ويطول!

ومن هنا كان علينا أن نلتزم قواعد التحديث رواية ودراية، وأن نحيط بها إحاطة دقيقة صحيحة، لنتعرف معالم حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم -!

[٣ - فقه السيرة في تفسير الأحداث]

ولا نقف عند حد عرض الآيات القرآنيّة المتعلّقة بالسيرة، والأحاديث الصحيحة؛ لأن فقه السيرة لا يكون في مجرد سردها، وإنما يكون في تفسيرها للأحداث، والاهتداء إلى الروابط الظاهرة والخفيّة التي تجمع بين شتاتها، وتجعل منها وحدة متماسكة الحلقات، متفاعلة الجزئيّات، ممتده مع الزمن والبيئة، امتداد الكائن الحي في الزمان والمكان!

ومن ثم يعيش المسلم بعقله وروحه، ونفسه وحسّه، وشعوره وإدراكه،


(١) انظر: كتابنا: (حديث بدء الوحي في الميزان): ٥٥ وما بعدها، مكتبة المنار الإسلاميّة، الكويت، ومؤسسة الريان، بيروت ١٤١٨ هـ ١٩٩٧ م.
(٢) انظر: المرجع السابق: ٧٥ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>