في جو الإسلام كعقيدة وفكر ونظام، وفي جو الحياة الإسلاميّة المباركة الطيّبة كصورة واضحة المعالم والسمات، من حياة البشريّة الواقعيّة!
وهذه الحياة في هذا الجو ضروريّة جداً لتفتح نوافذ الإدراك، لا لفهم الحياة فحسب، بل لإدراكها ككائن حي، وإدراك مواقع الحوادث والوقائع في جسم هذا الكائن الحي (١)!
وإنه ليعزّ على الإنسان في أيّة فترة من فترات الإنسانيّة أدركها إدراكاً حقيقياً داخلياً، إلا أن يتجاوب معها بكل ذاتيّته، وأن يعيش في جوّها بكامل مؤثّراتها وإيحاءاتها؛ فليست هذه خصيصة قاصرة على الحياة اليوميّة الإسلاميّة، وإن كانت أكثر وضوحاً بالقياس إلى تلك الحياة؛ لأن مقوماتها تختلف في كثير من أنواعها وماهيّاتها عن مقومات ما عداها!
وإنه ليصعب أن نتصوّر إمكان دراسة الحياة الإسلاميّة كاملة، دون إدراك كامل لروح العقيدة الإسلاميّة، ولطبيعة فكرة الإسلام عن الكون والحياة والإنسان، ولطبيعة استجابة المسلم لتلك العقيدة، وطريقته في الاستجابة للحياة كلها في ظل تلك العقيدة!
وهذه الخصائص كلها لا يمكن أن تطلب عند باحث غير صادق مدرك، إلا إذا تجرد من الهوى، وتخلص من التعصّب!
ولابد من إدراك البواعث الحقيقية لتصرفات الناس في خلال هذه الحياة الإسلاميّة، وعلاقة هذه البواعث بالحوادث والتطورات!
ولابد من ربط هذا كله بطبيعة الفكرة الإسلاميّة، لا في شكلها الخارجي وخطواتها العمليّة فحسب، ولكن في تفسيرها للعلاقات الكونيّة، والعلاقات
(١) في التاريخ فكرة ومنهاج: ٤٥ وما بعدها بتصرف، والهجرة النبويّة: ٣٠ وما بعدها.