مشارعه مفعمةٌ بالواردين، ومسالكه مليئةٌ بالقاصدين، وروّاده قوافلهم متواصلةٌ لا تنقطع، وداخلو ساحته متوافدون، لا قوّة تدفعهم إليه إلَّا قوّة الحق فيه، ولا وسائل تجذبهم إليه إلَّا وسيلة الرّغبة فيه!
وإلى هذه الحقائق والمعاني أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله الجامع فيما رواه الشيخان عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"ما من الأنبياء نبيٌّ إلا أعْطي من الآيات ما مثله آمَن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحْياً أوحاه الله إليَّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة"(١).
الآيات الحسيّة لخاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم -:
وإذا كان القرآن العظيم هو الآية العظمى، والمعجزة الكبرى التي وقع بها التحدّي للدلالة على صدق نبيّنا محمَّد- صلى الله عليه وسلم -، ولا يزال هذا التحدّي قائماً إلى يوم القيامة، في كل زمان ومكان، وجيل من الناس وقبيل، مهما بلغت الحياة من أطوار التقدّم العلميّ، لما فيها من أبديّة الهداية التي لا تنتهي، كما انتهت الآيات الحسّيّة المادّيّة التي أوتيها رسُل الله تعالى برهاناً على صدق دعواهم في رسالاتهم -فقد أوتي نبينا محمَّد - صلى الله عليه وسلم - من الآيات الحسّيّة المادّيّة، وعجائب خرق نواميس الترابط المادّيّ في عناصر الكون ما لم يؤت مثله كيفاً وكمًّا نبيّ من الأنبياء عليهم السلام!
(١) البخاري: ٦٦: فضائل القرآن (٤٩٨١)، وانظر (٧٢٧٤)، ومسلم (١٥٢).