غزاها، والأسباب الباعثة عليها، وموقفه من الهدنة إذا هادن، وعهوده إذا عاهد؟! وما صلح الحديبية بسر!
والذين طالعوا كتب السيرة النبوية يعلمون ذلك وغيره، وقد وقفوا على كتبه - صلى الله عليه وسلم - إلى الملوك وغيرهم يدعوهم فيها إلى دين الله، دين السلام والوئام، وعرفوا جهاده - صلى الله عليه وسلم - في سبيل الحق، وما بذله في تبليغ دعوة الإسلام إلى الناس، إلى أن أكمل الله للإنسانيّة دينها، وحج - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع، وتوفاه الله إليه!
فهل في شيء من ذلك ما يجهله التاريخ؟!
وهل فيما يتعلق بحياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ورسالته ما أسدل عليه ستار من خفاء؟!
وقد سجلت مصادر السيرة أدق التفاصيل في حياة خاتم النبيّين - صلى الله عليه وسلم -، كأكله، وقيامه، وقعوده، ولباسه، وشكله، وهيئته، ومنطقه، ومعاملته لأسرته، وتعبّده، وصلاته، ومعاشرته لأصحابه، بل بلغت الدقة في رواة سيرته أن يذكروا لنا عدد الشعرات البيض في رأسه ولحيته - صلى الله عليه وسلم -!
ثالثاً: المثاليّة في كل ما يتصل بها:
وحياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - سيرة إنسان أكرمه الله بالرسالة، لم تخرجه عن إنسانيّته، ولم تلحق حياته بالأساطير، ولم تضف عليه الألوهيّة قليلاً ولا كثيراً، ونحن إذا قارنا هذا بما يرويه المسيحيّون عن سيرة عيسى -عليه السلام- وما يرويه غيرهم عن آلهتهم المعبودة، اتضح لنا الفرق جليًّا بين سيرته - صلى الله عليه وسلم - وسير هؤلاء، ولذلك أثر بعيد المدى في السلوك الإنساني والاجتماعي، فادعاء النصارى الألوهية لعيسى عليه السلام جعله أبعد منالاً من أن يكون قدوة،